×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 وفيه: أن هذه الأمور لا يتدخل فيها كل مَن هب ودب، وإنما هي من اختصاص أهل العلم وأهل الشأن، هم الذين يعالجونها وتُرفع إليهم، الأمور العامة لا يتدخل فيها دهماء الناس والمتعالمون والجهال، ويبحثون فيها، وإنما هي من اختصاص ولاة الأمور والعلماء؛ كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ [النساء: 83].

فهذا عمر على جلالة قدره وعلمه وحصافة رأيه؛ استشار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يبقى على الأربعين وهي لا تردع؟ كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم تردع؛ لقلة الجرائم، ولكثرة الإيمان وقوة الإيمان. لكن في عهد عمر لما كثر الناس مِن مختلف الجنسيات ومختلف البلاد، صارت الأربعين لا تردع؛ فاستشار عمر رضي الله عنه الصحابة.

فأشار عليه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد السابقين الأولين إلى الإسلام، أشار عليه أن يجعلها ثمانين؛ كأخف الحدود، أخف الحدود حد القذف ثمانون جلدة، أشار عليه أن يجعلها ثمانين جلدة.

وفي رواية: أن الذي أشار عليه هو علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - فقال: «إِنَّهُ إِذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذِيَ، وَإِذَا هَذِيَ افْتَرَى، وَعَلَى الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ جَلْدَةً»([1])؛ يعني: القاذف.


الشرح

([1]) أخرجه: مالك رقم (710)، والدارقطني رقم (3321)، والحاكم رقم (8131).