×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فهذا الرجل شرب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأُتِي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في هذا أن الحدود تُرفع إلى ولي الأمر، وليس من حق كل أحد أن يقيمها، وإنما هي من صلاحيات ولي الأمر، هو الذي يَستثبتها، فإذا ثَبَتت فإنه يقيم عليها الحد المشروع، هذا من صلاحيات ولي الأمر.

لأن هذا الذي شرب الخمر جيء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجَلَده نحوًا من أربعين، الجَلْد هو الضرب، ضَرَبه نحوًا من أربعين ضربة، ويُسمَّى كل ضربة جَلْدة، أربعين جَلدة.

فهذا دليل: على وجوب الحد في الخمر، وأن مقداره أربعون جَلدة؛ كما فَعَله النبي صلى الله عليه وسلم.

ولكن في عهد عمر رضي الله عنه لما توسعت الخلافة، ودخل الناس في دين الله من أقطار الأرض، اتسع الوقوع في الخمر؛ لكثرة مَن دخل الإسلام، وصارت الأربعين جَلدة لا تردعهم، استشار عمر رضي الله عنه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر.

وهذا فيه: أن ولي الأمر يستشير أهل العلم وأهل الرأي، ولا يستبد بالأمر من عنده، مهما كان عنده من العلم والعدل والإنصاف، مهما كان، ليس هناك أعدل من عمر ولا أكثر علمًا من عمر رضي الله عنه، ومع هذا استشار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ففيه: أن ولي الأمر يستشير أهل العلم وأهل البصيرة في الأمور المهمة.


الشرح