×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

والحلف بالإنسان العادي أو الشيء العادي: هذا محرم أيضًا؛ كالذي يحلف بأبيه أو بأمه، أو بالأمانة... أو بغير ذلك، أو بالرسول، فلا يجوز الحلف إلاَّ بالله: «مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ».

والله جل وعلا يقول: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ [المائدة: 89] يعني: لا تحلفوا. وقيل: ﴿وَٱحۡفَظُوٓاْ أَيۡمَٰنَكُمۡۚ [المائدة: 89]: لا تتركوها بدون كفارة إذا حَنِثتم؛ لأنه يجب تعظيم اليمين بالله عز وجل.

فإن قال قائل: أليس ورد في بعض الأحاديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أَفْلَحَ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ»([1])، فحَلَف الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي الشخص؟

فيقال: هذا كان في أول الأمر، ثم نُسِخ بعد ذلك، فيكون هذا الحديث الذي معنا ناسخًا لما كان من قبل.

سؤال آخَر: قد يقول قائل: الله جل وعلا في القرآن حَلَف بالمخلوقات: ﴿وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيۡتُونِ ١ وَطُورِ سِينِينَ ٢ وَهَٰذَا ٱلۡبَلَدِ ٱلۡأَمِينِ [التين: 1- 3]،، فالله حَلَف بالمخلوقات ﴿لَعَمۡرُكَ [الحجر: 72]، أقسم بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم، فما الجواب؟

نقول: هذا خاص بالله جل وعلا، فإن الله يحلف بما يشاء من خلقه، أما نحن فلا يجوز لنا أن نحلف إلاَّ بالله عز وجل.

وقوله: «فَوَاللهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْهَا، ذَاكِرًا وَلاَ آثِرًا»؛ يعني: لا أبدأ أنا بالحلف بغير الله. منذ سمع


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (11).