×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد عليهما السلام: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ! فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ. فَلَمْ يَقُلْ، فَطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ إنْسَانٍ».

قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ»([1]).

قَوْلُهُ: «فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ» يَعْنِي: قَالَ لَهُ المَلَكُ.

*****

 موضوع هذا الحديث: هو الاستثناء في اليمين وتأثيره على الحِنْث.

فهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم عن أخيه سليمان بن داود عليهما السلام، وهما نبيان كريمان من أنبياء بني إسرائيل ومَلِكان، جَمَع الله لهما بين النبوة والمُلْك، وأعطى الله سليمان مُلْكًا لم يعطه أحدًا إجابةً لطلبه، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ ٱغۡفِرۡ لِي وَهَبۡ لِي مُلۡكٗا لَّا يَنۢبَغِي لِأَحَدٖ مِّنۢ بَعۡدِيٓۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡوَهَّابُ [ص: 35]، وهو صلى الله عليه وسلم يريد بذلك الجهاد ونصرة الدين، لا يريد المُلْك لذاته، وإنما يريد المُلْك ليستعين به على الدعوة إلى الله ونشر التوحيد ونشر الدين الصحيح.

والنبي صلى الله عليه وسلم يُحَدِّث عن الماضين مما فيه عبر، يُحَدِّث عن الأنبياء، ويُحَدِّث عن الأمم التي قبلنا مما فيه عبرة لنا.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (5242)، ومسلم رقم (1654) واللفظ له.