×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ؛ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ».

وَنَزَلَتْ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشۡتَرُونَ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ وَأَيۡمَٰنِهِمۡ ثَمَنٗا قَلِيلًا [آل عمران: 77]([1]).

*****

وهذا أيضًا في الأيمان، هذا الحديث في الأيمان، وأن الحالف يجب عليه الصدق، ولا يجوز له تعمد الكذب في اليمين.

وفيه دليل: على أن الأيمان تُستعمل في الخصومات، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»([2])، فتُستعمل اليمين في الخصومات، بأن يُحَلَّف المُنْكِر، إذا لم يكن مع المدَّعِي بينة، فإنه يُحَلَّف المنكر ويبرأ، وإذا لم يَحلف فإنه يُقْضَى عليه بالنكول، أو تُرَد اليمين على المدَّعِي؛ كما سبق الخلاف فيه.

فالحاصل: أن الأيمان من الطرق الحُكْمية التي يَحكم بها القاضي، بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم: «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي، وَاليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ»([3])، وفي لفظ: «عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»([4]).


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2356)، ومسلم رقم (138).

([2]) أخرجه: الدارقطني رقم (3190)، والبيهقي في «الصغرى» رقم (3103)، وابن المقرئ في «معجمه» رقم (616).

([3]) أخرجه: الترمذي رقم (1341)، والدارقطني رقم (4311).

([4]) أخرجه: الدارقطني رقم (3190)، والبيهقي في «الصغرى» رقم (3103)، وابن المقرئ في «معجمه» رقم(616).