×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فيجب أن يكون الحالف في الخصومات صادقًا، يجب أن يكون صادقًا في يمينه، ولا يَحلف كاذبًا من أجل أن يأخذ حق أخيه؛ لأنه إذا حَلَف فسيُقضى له بما في يده، ولا يكون للمدَّعِي شيء بموجب اليمين. فإذا كان صادقًا فهذا هو المطلوب. وإذا كان كاذبًا، فإن ما يأخذه حرام وسُحت، ولا يكفي أن ما يأخذه حرام وسُحت، بل يلقى الله وهو عليه غضبان - والعياذ بالله -، فهو يأخذ مالاً حرامًا في الدنيا، ويلقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان. نسأل الله العافية!

ولهذا قال: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ»؛ يعني: يصبر نفسه، والصبر: هو الحبس، يعني: يَحبس نفسه عليها، وينطق بها وهو يعلم أنه كاذب.

«يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ»، إذا توجهت عليه اليمين في الخصومة، فيحلف من أجل أن يأخذ مال أخيه المدعى به، فإنه يَلقى الله يوم القيامة وهو عليه غضبان.

ومَن غَضِب الله عليه، فإنه يكون من الهالكين. والغضب إنما يكون على من عَلِم الحق وجَحَده، فإن الله يغضب عليه؛ ولهذا وُصِف اليهود بأنهم مغضوب عليهم؛ لأنهم يعلمون الحق وأنكروه عن علم، فغَضِب الله عليهم.

فكل مَن عَلِم حقًّا وجَحَده، فإنه يكون من المغضوب عليهم - والعياذ بالله -.


الشرح