×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

وجاء المنافقون يعتذرون، المنافقون كذبوا، وادَّعوا أن لهم أعذارًا وأن لهم وأن لهم... الرسول صلى الله عليه وسلم قَبِل علانيتهم، وتَرَك سرائرهم إلى الله.

أما هؤلاء الثلاثة، فإنهم صَدَقوا، وقالوا: ليس لنا عذر، وإنما شيء وقع منا، هذا شيء وقع منا!! اعترفوا بأنهم أخطئوا وليس لهم عذر.

فلما صَدَقوا أَخَّرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، «خُلِّفوا» يعني: خُلِّف أمرهم، ولم ينزل عذرهم من الله جل وعلا، وهَجَرهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأَمَر بهجرهم، حتى بَقُوا أربعين ليلة لا يكلمهم أحد، وأَمَر النبي صلى الله عليه وسلم باعتزالهم زوجاتهم، بعزل زوجاتهم عنهم.

فبَقُوا كما ذَكَر الله عنهم: ﴿وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰٓ إِذَا ضَاقَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ وَضَاقَتۡ عَلَيۡهِمۡ أَنفُسُهُمۡ [التوبة: 118].

بينما هم في هذه الشدة إذ نزلت توبتهم من الله جل وعلا: ﴿لَّقَد تَّابَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلنَّبِيِّ وَٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ [التوبة: 117] إلى قوله تعالى: ﴿وَعَلَى ٱلثَّلَٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ [التوبة: 118]. يعني: تاب الله عليهم.

فاستبشروا بذلك، وفَرِحوا وفَرِح إخوانهم بذلك أن الله قَبِل توبتهم، ولم يجعلهم مثل المنافقين الذين لم يقبل الله عذرهم، فرحوا بذلك أشد الفرح.

فكان مِن فرح كعب بن مالك رضي الله عنه أنه قال: «إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي»، ماله كله يَخرج منه لله عز وجل، فيجعله صدقة، يجعله صدقة شكرًا لله على هذه التوبة من الله عز وجل.


الشرح