×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: اسْتَفْتَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، تُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، فقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «فَاقْضِهِ عَنْهَا»([1]).

*****

 ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖۚ [الحج: 78]، وفي حديثٍ آخَر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً كبير السن يُهادَى بين ابنيه، فقال: «مَا هَذَا؟!» فقالوا: يا رسول الله، نَذَر أن يحج ماشيًا. فقال: «إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِهِ نَفْسَهُ، فَلْيَرْكَبْ»([2]).

فيؤخذ من هذا أنه يُشْرَع للإنسان الرفق بنفسه، وألا يتكلف شيئًا لم يكلفه الله به.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ» دليل على أنه لا يتعين النذر الذي يشق على الإنسان؛ لأن الحرج موضوع ومرفوع، ولله الحمد.

سعد بن عبادة رضي الله عنه سيد الأنصار، من السابقين الأولين إلى الإسلام، له فضائل عظيمة.

تُوُفيت أمه رضي الله عنها، وفي ذمتها نذر لم توفه، وكان سعد بارًّا بأمه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم: هل يقضي عنها ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «فَاقْضِهِ عَنْهَا».

فهذا الحديث فيه مسائل:

المسألة الأولى: فيه الرجوع إلى أهل العلم فيما أشكل من أمور الدين، ولا يُرجع إلى غيرهم. فهذا سعد على جلالة قدره وفضله وعلمه، استفتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2761)، ومسلم رقم (1638).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (1865)، ومسلم رقم (1642).