×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

وعَلِمتم أن الفتوى تختلف عن القضاء: الفتوى: هي بيان الحكم من غير إلزام. وأما القضاء: فهو بيان الحكم مع الإلزام.

لكن الظاهر هو القول الأول؛ أن هذا من باب القضاء، وأنه يجوز القضاء على الغائب؛ ولذلك ذَكَره المصنف رحمه الله في باب القضاء.

وفيه دليل: على مسألة الظَّفَر، ما مسألة الظَّفَر؟

إذا كان لك حق على شخص، وأبى أن يعطيك إياه، وظَفِرت بماله، فإنه يجوز لك أن تأخذ قدر حقك؛ لأنك ظفرت بحقك، فتأخذ منه قدر حقك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهند: «خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ».

فإذا لم تتمكن من أخذ حقك، وظفرت بمال لخَصْمك، فإنك تأخذ قدر حقك منه. هذه يسمونها «مسألة الظفر»، وهي مشهورة عند أهل العلم.

في الحديث: دليل على وجوب نفقة الزوجة وأولادها على زوجها.

نفقة الزوجة هذه لا إشكال فيها: «وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ»؛ كما جاء في الحديث أو ما هذا معناه، قال تعالى: ﴿لِيُنفِقۡ ذُو سَعَةٖ مِّن سَعَتِهِۦۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيۡهِ رِزۡقُهُۥ فَلۡيُنفِقۡ مِمَّآ ءَاتَىٰهُ ٱللَّهُۚ [الطلاق: 7]، ﴿ٱلرِّجَالُ قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ [النساء: 34].

فنفقة الزوجة لازمة للزوج، حتى ولو كانت غنية، لو كانت الزوجة غنية عندها مليارات، والزوج فقير، يلزمه أن يُنْفِق عليها بقدر استطاعته، نفقتها عليه؛ لأنها محبوسة عنده.


الشرح