×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 يرفعونه فوق منزلته، أو يقولون: إن له حقًّا في الربوبية والألوهية وإنه ينفع ويضر بعد موته صلى الله عليه وسلم.

فهو صلى الله عليه وسلم بشر، لكن الله خصه بالرسالة؛ كما قال الأنبياء لأممهم: ﴿إِن نَّحۡنُ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ [إبراهيم: 11].

والكفار المتعنتون يقولون: نطيع بشرًا مثلنا؟! يقولون: ﴿مَآ أَنتَ إِلَّا بَشَرٞ مِّثۡلُنَا [الشعراء: 154] ما الذي خصك وصار لك ميزة علينا، كلنا نصير رسلاً: ﴿لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ ٱللَّهُ أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ [الأنعام: 124].

فالله جل وعلا يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس، فالله مَيَّزهم بالرسالة، وإلا فهم في الأصل بشر، لكن الله ميزهم بالرسالة والوحي، وإلا فمن حيث البشرية هم بشر؛ ولذلك يأكلون ويشربون، ويتزوجون ويمرضون، ويحزنون، ويموتون - عليهم الصلاة والسلام -، ويُدفنون كما يُدفن الناس، فهم بشر.

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ﴿إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ [الكهف: 110]، أنا لا أعلم الغيب، ولا أعلم مَن هو المصيب من الخصوم والمخطئ. ما يعلم هذا صلى الله عليه وسلم، وإنما يَحكم على ما يظهر له من الدعوى والإجابة من البينة واليمين، يمشي على أصول في القضاء، ويَحكم من حيث الظاهر، ويكل البواطن إلى الله جل وعلا.

الرسول صلى الله عليه وسلم لا يَعلم الغيب، إلاَّ ما أطلعه الله عليه من باب المعجزة. أما إنه يَعلم المُحِقّ من المُبْطِل في الخصومات، فهو لا يعلم صلى الله عليه وسلم: ﴿إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٞ مِّثۡلُكُمۡ [الكهف: 110].


الشرح