السرائر سبحانه وتعالى. القضاة لا يعلمون
الغيب، إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب في هذا، فالقضاة من باب
أَوْلى.
فهذا فيه: دليل على أن حكم
الحاكم لا يُغَيِّر الحق.
بعض الناس يقول: لا، هذا لي أنا،
حَكَم لي القاضي بهذا، هذا لي حلال.
نقول: لا، هذا ليس بحلال
لك إلاَّ إذا كنت صادقًا، إذا كنت صادقًا فهو حلال. أما إذا كنتَ مُزَوِّرًا
وكذابًا وفصيحًا، واستعملت الفصاحة لأخذ حقوق الناس، فإن حقوق الناس باقية لهم،
وأنت ظالم، ولابد من رد المظالم إلى أصحابها؛ إما في الدنيا وإما في الآخرة.
ولهذا قال صلى الله
عليه وسلم: «فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ، فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ
مِنْ نَارٍ»، معناه: أن مَن عَلِم من نفسه أنه كذاب، وحَكَم له القاضي
في الظاهر، وهو يعلم أنه كذاب؛ لا يجوز له أخذه، ويقول: هذا أخذته من عند القاضي،
أو من المحكمة!! عليه أن يَرُد الحق إلى صاحبه؛ لأنه «قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ»،
والعياذ بالله، قطعة من النار.
فعليه أن يَرُد
الحق، إذا عَلِم من نفسه أنه كاذب وأنه مُزَوِّر.
وكذلك المحامون
الذين يحامون دون الناس، إذا كانوا مُزوِّرين ومُبْطِلين، فإن هذا أَمْر لا يجوز
لهم، وعليهم أن يَرُدوا الحقوق إلى أهلها، أن يتخلصوا منها الآن، وشر الناس مَن
ظَلَم الناسَ للناس.
أما أنه يُزوِّر من أجل أن يحصل على أجر المحاماة، ويأخذ أموالاً مقابل المحاماة ولو بالباطل، فالله جل وعلا يقول: ﴿وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ