×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنهما قَالَ: كَتَبَ أَبِي - أَوْ كَتَبْتُ لَهُ - إِلَى ابْنِهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَهُوَ قَاضٍ بِسِجِسْتَانَ: أَنْ لاَ تَحْكُمْ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لاَ يَحْكُمْ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»([1]).

وَفِي رِوَايَةٍ: «لاَ يَقْضِيَنَّ حَاكِمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ»([2]).

*****

 وهذا الحديث في آداب القاضي.

فهذا أبو بكرة نُفَيْع بن الحارث رضي الله عنه، الصحابي الجليل - أملى على ابنه عبد الرحمن أن يكتب إلى ابنه عبد الله - وكان عبد الله بن أبي بكرة قاضيًا بسجستان، سجستان من بلاد المشرق -: ألاَّ يَحكم بين اثنين - أو: لا يقضين بين اثنين - وهو غضبان. ثم ذَكَر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لما كان القضاء والحكم بين الناس يتطلب العدالة بين الخصوم والتثبت في الأمور وعدم الاستعجال، فإنه نُهِي عما يُخِل بهذا الأمر، وذلك بأن يَقضي أو يَحكم بين الناس وهو في حالة لا يتمكن فيها من الاستيعاب وسماع الخصوم وتحري العدل؛ لأنه مشغول بما هو فيه من العوارض التي تُشغله.

فلا يَحكم إلاَّ وهو فارغ البال، مطمئن النفس، مرتاح الجسم؛ لأن هذا أدعى إلى التروي وتحري الحق، واستيعاب ما عند الخصوم.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (1717).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (7158).