فهذا فيه:
أولاً: نصيحة الوُلاة من
قضاة وغيرهم. فإن أبا بكرة رضي الله عنه نصح لابنه لما كان قاضيًا. وهذا فيه:
العمل بقوله صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا:
لَمِنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَأَئِمَّةِ
الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمُ»([1]).
فالمسلم يكون
ناصحًا، ولا يكون غاشًّا، ينصح إخوانه، لاسيما المسئولين منهم؛ لأن هذا من التعاون
على البر والتقوى.
ثانيًا: فيه أنه لابد من
ذكر الدليل؛ فإن أبا بكرة لما ذَكَر النصيحة لابنه عن القضاء وهو غضبان؛ أتى
بالدليل عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثًا: فيه المسألة التي
ساق المصنف الحديث من أجلها، وهي نَهْي القاضي أو الحاكم أن يَقضي أو يَحكم بين
الناس في حالة لا يتمكن فيها من التروي.
والحديث نَصَّ على
الغضب، والغضب صفة تعتري الإنسان، فيخرج عن اعتداله لأمرٍ أثاره.
قالوا: وهو غليان في القلب. هذا عند المخلوقين. أما غضب الله جل وعلا فهذا كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، لا يُفسَّر بأنه غليان في القلب، ولكن يقال: كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى. إنما هذا غضب المخلوقين، عبارة عن غليان في القلب، ويثور معه الدم. ولهذا تجد الغضبان يحمر وجهه لأنه يفور عنده الدم من الغضب.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (55).