×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟» ثَلاَثًا، قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، وَقَالَ: «أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ يَسْكُتُ([1]).

*****

وهذا الحديث - أيضًا - أورده المصنف في باب القضاء؛ لِما جاء في آخره من شهادة الزور؛ لأن القضاء يعتمد على الشهود، فلابد من الصدق في الشهادة وعدالة الشهود.

قوله صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ»؛ أي: ألاَ أُخبركم، فـ «أَلاَ» أداة تنبيه.

وهذا فيه أهمية التعليم عن طريق السؤال والجواب، فإنه لم يبدأهم ويقل: «أكبر الكبائر كذا»، بل صَدَّر هذا بالسؤال من أجل أن ينتبهوا، فطريقة التعليم عن طريقة السؤال والجواب لها أهمية كبيرة، لاسيما في الأمور المهمة التي قَلَّ مَن ينتبه لها.

«أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟»، الذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر:

والكبيرة كما عَرَّفوها: بأنها ما خُتِم بغضب أو لعنة أو نار، أو قال: ليس منا مَن فَعَل كذا. فإن هذا يدل على الكبيرة، يدل على أن هذا ذنب. وكذلك: ما رُتِّب عليه حَدٌّ في الدنيا؛ كالرجم والجَلد والقتل.

فالكبيرة: ما رُتِّب عليها حَدٌّ في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو خُتِم بغضب من الله، أو لعنة من الله، أو وعيد بنار. فهذا ضابط الكبيرة.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2654)، ومسلم رقم (87).