×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 والصغيرة: ما نُهِي عنه، ولكن لم يكن فيه هذه الأمور. مجرد نهي، فهذا مَحَرَّم ولا يكون كبيرة؛ لأن النهي للتحريم، ولكن لما لم يقترن بتغليظ، صار محرمًا وصغيرة من صغائر الذنوب.

فدل هذا الحديث على أن الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر.

ودل على أن الكبائر بعضها أكبر من بعض؛ كما دل عليه هذا الحديث، «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟»، دل على أن الكبائر فيها أكبر وفيها كبير، أكبر الكبائر، وتسمى بالموبقات، السبع الموبقات.

أكبر الكبائر في هذا الحديث: الشرك بالله. فهو أكبر الكبائر؛ لأن الله جل وعلا أخبر: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48].

فقوله جل وعلا: ﴿وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48].

يَدخل فيه الكبائر التي دون الشرك، فهي محل المشيئة من الله: إن شاء غفر لصاحبها، وإن شاء عذبه، لكنه لا يُخَلَّد في النار. أما الشرك بالله، فإن الله لا يغفره ويُخَلِّد صاحبه في النار: ﴿إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِنۡ أَنصَارٖ [المائدة: 72]، الشرك يُحبط الأعمال ويُبطلها: ﴿لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر: 65]، ﴿وَلَوۡ أَشۡرَكُواْ لَحَبِطَ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ[الأنعام: 88]، أما الكبائر التي دون الشرك فهي لا تُحبط الأعمال، وإنما تَنقصها، فأصحاب الكبائر مؤمنون لكنهم ناقصو الإيمان. هذا هو الفرق بين الشرك وبين غيره من الكبائر.


الشرح