أما ما لم يأمرا بمعصية
الله، فتجب طاعتهما، وهذا من البر بهما، قال تعالى: ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ
وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنًاۚ﴾ [الإسراء: 23]، ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا
تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا﴾ [النساء: 36].
فيأتي حق الوالدين
بعد حق الله؛ لأن أعظم مَن أحسن إليك بعد الله هم الوالدان، اللذان ربياك وأنت
صغير، ولا تملك لنفسك نفعًا ولا ضرًّا، قاما بحفظك وتربيتك البدنية والقلبية،
وربياك على الخير؛ فلذلك عَظُم حقهما عليك: ﴿وَقُل رَّبِّ ٱرۡحَمۡهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرٗا﴾ [الإسراء: 24].
ولكن كثيرًا من
الناس اليوم آخر عهده بوالديه إذا توظف واستقل، إذا تحصل على وظيفة واستغنى بزعمه،
فلا يلتفت إلى والديه، وهذا من العقوق.
نعم، لا مانع أن
تتخذ منزلاً أنت وزوجتك وأولادك، تتخذ منزلاً خاصًّا بك. لا مانع من هذا، لكن لا تقطع
الصلة بهما والبر بهما والإحسان إليهما، حتى ولو أساءا إليك، لو أساءا إليك فلا
تقطع الصلة بهما، أَحْسِن إليهما ولو أساءا إليك: ﴿وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ
عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗاۖ﴾ [لقمان: 15].
حتى الوالد المشرك
تَبَر به، إلاَّ أنك لا تطيعه في معصية الله، لكن لا يَسقط حقه عنك، فكيف بالوالد
المسلم؟!
الواجب على هؤلاء أن يتقوا الله، وأن يَبَروا بوالديهم بالقول والفعل والأدب وحُسْن الصحبة؛ لأنهما هما أعظم مُحْسِنَين إليك بعد الله جل وعلا؛ فلذلك ذَكَر الله حقهما بعد حقه، وذَكَر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن