فلا يجوز للإنسان أن
يشهد إلاَّ بما عَلِم؛ إما برؤية بعينيه، أو سماع بأذنيه ما يقال، أو استفاضة عند
الناس حتى أصبحت الاستفاضة مثل السماع أو مثل الرؤية، يشهد بذلك. هذا يحصل به
العلم: الرؤية، أو السماع، أو الاستفاضة. هذا الذي يحصل به العلم، بدون ذلك ما
يتخرص، ويشهد وما تَثَبَّت.
لأن شهادة الزور
فيها كذب، وفيها اقتطاع للحقوق من أهلها وإعطائها لغير أهلها، وفيها تضليل للحكام،
الحكام ما يَعلمون الغيب، لكن هذا ضللهم وحَمَلهم على أن يَحكموا بغير الحق بسبب
شهادته.
ففيها خطر عظيم؛
ولذلك اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بها.
بينما كثير من الناس
يعتبر الشهادة شيئًا عاديًّا، أو مساعدة، يعتبرها مساعدة، أو شيئًا عاديًّا
روتينيًّا، وقد يقتطع بها أموال الناس، وقد يحصل بسببها شر كثير، وقد يُقدَّم مَن
أَخَّره الله ويُؤخَّر مَن قَدَّمه الله بسبب شهادة الزور، قد يُحْرَم المستحق
ويُقَدَّم غير المستحق بسبب شهادة الزور.
فهي يترتب عليها
أضرار عظيمة؛ ولهذا اهتم بها النبي صلى الله عليه وسلم حين إلقائها على أصحابه،
زيادةً على أنه قال: «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟».
ربما يسأل سائل
فيقول: لماذا الرسول صلى الله عليه وسلم في أول الأمر كان متكئًا، مع أن الشرك
أعظم الذنوب؟ لماذا لم يجلس مع أن الشرك أعظم من شهادة الزور؟ وعقوق الوالدين أعظم
من شهادة الزور؟