×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

وأما المُدَّعَى عليه، فاكتُفي منه باليمين؛ لأنه قوي الجانب؛ لأن معه الأصل، الأصل البراءة، فإذا حلف خُلي سبيله.

فالرسول صلى الله عليه وسلم رسم في هذا الحديث الطريق الصحيح للقضاة، أنهم لا يستعجلون في قَبول الدعوى والحكم بها، مهما كان على المُدَّعِي من الورع والتقوى والعلم والفضل، ما يستعجلون في هذا، الإنسان بشر.

«لاَدَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ»، لو فُتِح المجال، فيُكَلَّف المُدَّعِي بالبينة. قال صلى الله عليه وسلم: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ»([1]).

فالمُدَّعِي يُكلَّف بالشهادة، بالبينة؛ لأنه يدعي خلاف الأصل، فجانبه ضعيف. أما المُدَّعَى عليه فجانبه قوي؛ لأن معه الأصل، الأصل البراءة؛ فلذلك يَكفي منه اليمين، إذا حلف خُلي سبيله. وإذا لم يحلف فقيل: يُقضَى عليه، وقيل: تُرَد اليمين على المُدَّعِي.

فهذا الحديث فيه:

أولاً: قلنا فيه: إن القاضي أو الحاكم لا يستعجل في سماع الدعوى وتصديق المدعي، لا يصدقه أبدًا، مهما كان، لا يصدقه، وإنما يطلب منه البينة على ما قال.

ثانيًا: في الحديث أن المدعى عليه يَكفي منه اليمين، والحكمة ما ذكرناه لكم في جانب المدعي وجانب المدعى عليه.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (2721)، ومسلم رقم (1418).