×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

وأيضًا: البدعة تشريع، والمُشَرِّع هو الله جل وعلا، لا يجوز لأحد أن يَشْرَع في الدين ما ليس منه: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ [الشورى: 21].

الدين تشريع، العبادات تشريع، فمَن أحدث بدعة فقد شَرَع وشارك الله عز وجل في الحكم والتشريع.

فالبدع شر كلها، وإن كان أصحابها يزعمون أنها خير وأنها بدع حسنة، يقولون: بدعة حسنة.

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ»([1])، وهؤلاء يقولون: لا، ليست كل بدعة ضلالة. يَرُدون على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقولون: لا، هذا غلط، هناك بدع حسنة، ليست كل بدعة ضلالة.

والرواية الثانية: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ» الرواية الأولى أعم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا...»، «مَنْ أَحْدَثَ»: سواء كان هذا الإحداث عملاً أو قولاً، فإنه بدعة. الرواية الثانية خصت العمل: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا، فَهُوَ رَدٌّ»، والرواية الثانية داخلة في الأولى؛ لأن الأُولى عامة، وهذه بعض أفرادها فتَدخل فيها.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَهُوَ رَدٌّ»؛ أي: مردود عليه.

ففي هذا: ذم البدع والنهي عنها، والتحذير منها، وتطهير الدين منها.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (867).