فالنبي صلى الله
عليه وسلم أهوى ليأكل منه، فلما أخبروه أنه ضب تَوَقَّف عنه، فسأله خالد رضي الله
عنه: هل هو حرام؟ فقال: «لاَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي»؛
يعني: ليس بأرض الحجاز، أرض الحجاز ما تجد فيها الضب، ما يعيش فيها، وإنما يعيش في
البراري؛ كبلاد نجد والبلاد البعيدة عن أرض الحجاز.
قال صلى الله عليه
وسلم: «فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ»؛ يعني: معافة نفسية، ليست معافة تشريعية،
الرسول لم يعفه لأنه حرام، وإنما عافه من باب العادات، يعافه لأنه لا يؤكل بأرض
قومه.
الناس إذا ما
اعتادوا الشيء، لا يجرءون على أكله؛ مثل الجراد، كثير من الناس ما يأكلونه، مع أنه
من الطيبات، وأُكِل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال الراوي: «غَزَوْنَا
مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ، نَأْكُلُ
الْجَرَادَ»([1]).
مع ذلك بعض الناس لا يأكلونه؛ لأنه ما أَلِف ذلك، فتعافه نفسه، من باب العادة لا من باب التشريع، فما كل شيء تعافه النفس يكون حرامًا، ليس هذا هو المقياس للحلال والحرام، وما كل شيء ترغبه النفس يكون حلالاً، فالنفس ليست مقياسًا لا للحلال ولا للحرام، وإنما المدار في الحلال والحرام على الأدلة الشرعية.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5495)، ومسلم رقم (1952) واللفظ له.