×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه قَالَ: «غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعَ غَزَوَاتٍ، نَأْكُلُ الْجَرَادَ»([1]).

*****

 فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم إنه ليس بحرام، وبَيَّن السبب في امتناعه صلى الله عليه وسلم، أَخَذه خالد، فأكله بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، أَقرّه على ذلك، وقال إنه ليس بحرام.

فهذا دليل: على أن الضب من المباحات، وإن كان بعض الناس لا يعتاد أكله ولا يألف أكله.

وهذا فيه: دليل على إباحة الجراد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم أكلوه مع النبي صلى الله عليه وسلم، وليس ذلك مرة واحدة، بل في سبع غزوات.

والجراد من الطيبات؛ لأنه يتغذى بالطيب، يأكل من الأعشاب، من الأشياء الطاهرة، فهو حلال؛ فلذلك أورده المصنف في باب الأطعمة؛ لأنه من الأطعمة المباحة.

وفيه: ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضيق الحال، وأنهم كانوا يأكلون الجراد من قلة الزاد معهم، أحيانًا يأكلون ورق الشجر، ليس معهم شيء.

ففيه: ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أن الدنيا لم تُبسط عليهم في أول الأمر، وأنهم كانوا في ضيق من المعيشة، ويصبرون على ذلك، مع أنهم أفضل الخلق على الإطلاق!!


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (5495)، ومسلم رقم (1952) واللفظ له.