×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 وفي الحديث الآخَر: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَٱعۡمَلُواْ صَٰلِحًاۖ إِنِّي بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِيمٞ [المؤمنون: 51] وقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَٰتِ مَا رَزَقۡنَٰكُمۡ [البقرة: 172]». ثُمَّ ذَكَرَ «الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ! وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!»([1]).

فهذان الحديثان وما جاء بمعناهما يدلان على اهتمام الإنسان بمطعمه ومشربه وملبسه، ألاَّ يتناول إلاَّ الحلال البَيِّن، ويترك الحرام البَيِّن، ويتوقف عن الشيء المشتبه الذي لم يتبين حتى يَعلم هل هو حلال أو هو حرام، يتوقف عن المشتبه حتى يتبين هل هو حلال أو حرام، ما يستعجل فيه.

والله جل وعلا يقول في وصف نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ [الأعراف: 157]، فالطيبات هي الحلال، الحلال هو الطيب، والخبيث هو المُحَرَّم.

فهذا حديث عظيم، قال فيه صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ»؛ كما بَيَّنه الله جل وعلا في كتابه: ﴿أُحِلَّتۡ لَكُم بَهِيمَةُ ٱلۡأَنۡعَٰمِ [المائدة: 1]، ﴿وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلٗا طَيِّبٗاۚ [المائدة: 88].


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (1015).