×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 قال: «يَا رَسُولُ اللهِ، إِنَّا لاَقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَ مَعَنَا مُدًى، أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ؟»؛ يعني: سكاكين، فبأي شيء نُذَكِّي ما احتجنا إلى ذكاته للأكل؟

فقال صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللِه عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ»؛ يعني: شَقَّ الجِلد وأنهر الدمَ من المذكاة، فكلوا.

فدل على: أنه تَحل الذكاة بالمحدد، بالمحدد الذي يَشق الجِلد ويَقطع الأوداج، ويُنْهِر الدم؛ يعني: يصب الدم كالنهر من قُوَّته واندفاعه.

فدل على أن الحكمة من الذكاة هي استخراج الدم الذي في الحيوان؛ لأن الدم خبيث ومُضر. فالحكمة في الذكاة: هي استخراج هذا الدم من الأوداج؛ حتى يَطيب لحمه ويَخرج ما فيه من الدم الخبيث.

«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ»؛ يعني: أساله، «وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ»، فدل على: أنه لابد من الذكاة الشرعية، بشرط التسمية على الذبيحة؛ كما قال تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ [الأنعام: 118]، إلى قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ [الأنعام: 121]، فالتسمية شرط للذكاة وحِل المذكاة، ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ [الأنعام: 121]،.

فدل هذا على شرطين من شروط الذكاة:

الشرط الأول: الآلة، وهي أن يكون محددًا، يُنْهِر الدم. فإن كان مُثَقَّلاً كالحجر والعصا وما يَقتل بثِقَله، فهذا وقيذ، لا يحل، هذا هو الموقوذة، وهذا كما سبق أن المعراض إذا أصاب بعَرْضه فإنه لا يحل؛ لأنه من الموقوذة.


الشرح