×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُرْسِلُ الْكِلاَبَ الْمُعَلَّمَةَ فَيُمْسِكْنَ عَلَيَّ، وَأَذْكُرُ اسْمَ اللهِ؟ فَقَالَ: «إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ، فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ». قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟! قَالَ: «وَإِنْ قَتَلْنَ، مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا».

قُلْتُ له: فَإِنِّي أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ الصَّيْدَ، فَأُصِيبُ؟ فَقَالَ: «إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ([1]) فَخَزَقَ فَكُلْهُ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِعَرْضِهِ فَلا تَأْكُلْهُ»([2]).

*****

  وهذا عَدِي بن حاتم الطائي رضي الله عنه، أبوه حاتم المشهور بالجود، مات في الجاهلية ولم يُدرِك الإسلام، وكان نصرانيًّا. وكذلك ابنه عَدِي حَل محله، وكان نصرانيًّا، ثم مَنَّ عليه الله بالإسلام، فأسلم وحَسُن إسلامه، وصار من قادة المجاهدين في سبيل الله، رضي الله عنه.

قد سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم هذه الأسئلة عن الصيد.

فهذا فيه: دليل على أن المسلم إذا أشكل عليه شيء، فإنه يرجع إلى أهل العلم ليبينوا له الصواب؛ كما قال تعالى: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [النحل: 43]. ولا يعتمد الإنسان على رأيه أو على ما أدرك عليه الناسَ، من غير أن يَعلم أن ذلك موافق للشرع أو مخالف، لاسيما في أمور الأطعمة، التي هي غذاء الأبدان، فيجب


الشرح

([1])قال الليث: «المِعراض: سهم يُرْمَى به بلا ريش يَمضي عَرْضًا». انظر: تهذيب اللغة (1/ 296)، ومختار الصحاح (205)، وتاج العروس (18/ 414).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (7397)، ومسلم رقم (1929) واللفظ له.