×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

وَحَدِيثُ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيٍّ نَحْوُهُ، وَفِيهِ: «إِلاَّ أَنْ يَأْكُلَ الْكَلْبُ، فَإِنْ أَكَلَ فَلاَ تَأْكُلْ؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنْ خَالَطَهَا كِلاَبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلاَ تَأْكُلْ([1])؛ فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى غَيْرِهِ»([2]).

*****

  وهذا قَيْد آخَر لِما صاده كلب الشخص المُعلَّم، فإنه يأكل ما صاده إلاَّ إذا أَكَل منه الكلب.

إن صاده أو أمسكه ولم يأكل منه، فهو حلال؛ لأنه أمسكه لصاحبه، والله تعالى يقول: ﴿فَكُلُواْ مِمَّآ أَمۡسَكۡنَ عَلَيۡكُمۡ [المائدة: 4].

أما إذا وجده قد أَكَل منه فلا يأكله؛ لأنه يكون صاده لنفسه ولم يَصِده لصاحبه، صاده الكلب لنفسه، بدليل أنه أَكَل منه ولم يَصِده لصاحبه الذي أرسله، فكان ذلك مخالفًا لقوله تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِمَّآ أَمۡسَكۡنَ عَلَيۡكُمۡ [المائدة: 4]. فيكون الحديث مُفسِّرًا للآية ومُوضِّحًا لها.

قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ»، ولم يُمسكه لصاحبه.

قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِنْ خَالَطَهَا كِلاَبٌ مِنْ غَيْرِهَا، فَلاَ تَأْكُلْ»، هذا كما سبق، إذا وَجَد مع كلبه كلبًا آخَر أو عدة كلاب، فإنه لا يأكل ما وجده مقتولاً؛ فإنه لا يدري أي الكلاب قتله، فربما يكون غير كلبه، فيُغَلِّب جانب التحريم وجانب الحظر.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (5483)، ومسلم رقم (1929).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (5486)؛ ومسلم رقم (1929).