فخطب صلى الله عليه وسلم وقال:
«أَيُّهَا النَّاسُ، لاَ تَتَمَنَّوْا لِقَاءَ الْعَدُوِّ»، الإنسان ما
يقول: ليتني ألقى العدو، والله لأفعلن وأقولن!! لا، لا تقل هذا، ما تدري ماذا يصير
لك، ربما أنك تجبن، ربما أنك تهرب ولا تصبر، فلا تدري ماذا يحصل لك. هذه من ناحية.
الناحية الثانية: أنك تزكي نفسك،
فأنت لا تتمنَّ لقاء العدو، لا تتمنَّ الموت، جاء النهي عن تمني الموت والنهي عن
تمني لقاء العدو وتمني المكاره حتى يصبر عليها بزعمه، ما يتمنى هذا الشيء، لكن إذا
وقع فيه فإنه يصبر.
«لاَ تَتَمَنَّوْا
لِقَاءَ الْعَدُوِّ»؛ مثل: تمني الموت، مثل: تمني الشدائد، يقول: من أجل أنه
يصبر، ما تدري أنك تصبر ولا ما تصبر، فلا تتمنَّ هذا.
«فَإِذَا
لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا»، حينئذٍ المطلوب منكم الصبر والثبات، وعدم الفزع وعدم
الفرار.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ﴾ [الأنفال: 45]، «اثبتوا»؛ لأنهم لو رأوا فيكم رعبًا أو رأوا فيكم انهزامًا، تسلطوا عليكم، لكن إذا ثبتم فإنهم يجبنون: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٤٥ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٤٦ وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ﴾ [الأنفال: 45- 47].