×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

هذه تعميمات من الله جل وعلا، وقد عَلَّمها الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه؛ كما في الحديث «فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا» على الجِلاد والجهاد والقتال، ولا تُروهم منكم الضعف أو الهرب أو غير ذلك.

ولذلك الصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا لَقُوا العدو صبروا وثبتوا، حتى إن السهام تقع في صدورهم، ما تقع في أدبارهم أو في جنوبهم؛ لأنهم يَثبتون ويواجهون العدو، وكان أقرب المجاهدين إلى العدو هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالثبات هذا فيه إرهاب للعدو، وفيه إظهار لقوة المسلمين.

«وَاعْلَمُوا - أي: تيقنوا - أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ»، هذا ترغيب لهم في الثبات، وأن الذي يفر من الموت هذا قد فر من الغنيمة إلى الخَسارة؛ لأن الغنيمة في قتال العدو. وأما فرارك هذا فلن ينجيك من الموت، لابد من الموت حتى وإن فررت: ﴿قُلۡ إِنَّ ٱلۡمَوۡتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنۡهُ فَإِنَّهُۥ مُلَٰقِيكُمۡۖ [الجمعة: 8].

فالمجاهد يتيقن أن الجنة تحت ظلال السيوف، لكن هذا يحتاج إلى صبر.

ويقولون: فيه إشارة إلى أن المجاهد يقرب من العدو، بحيث إن السيوف - سيوف المسلمين وسيوف الأعداء - تختلط، ما يكونون من بعيد، بل المسلمون يلتحمون بهم التحامًا، بحيث إن السيوف تختلط، ويصير لها ظل من شدة الاختلاط والالتحام. هذا فيه إظهار القوة والشجاعة.


الشرح