×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

«وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ»، بمعنى - والله أعلم -: أن هذا يؤدي إلى الجنة، وأن الذي يطلب الجنة يصبر على ظلال السيوف ولا يرهب منها؛ لأنه يسير إلى خير: إن قُتِل فهو شهيد، وإن سَلِم فهو غانم مجاهد في سبيل الله: ﴿قُلۡ هَلۡ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلَّآ إِحۡدَى ٱلۡحُسۡنَيَيۡنِۖ [التوبة: 52]؛ الحسنيان: إما الشهادة وإما النصر، لكن هذا يحتاج إلى صبر.

ثم إنه صلى الله عليه وسلم دعا. فهذا فيه: دليل على أن المسلمين لا يتكلون على قوتهم وكثرتهم، وإنما يلجئون إلى الله عز وجل ويدعونه.

فليس المدار على الكثرة، المدار على الإيمان والصدق: ﴿كَم مِّن فِئَةٖ قَلِيلَةٍ غَلَبَتۡ فِئَةٗ كَثِيرَةَۢ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ[البقرة: 249]، ﴿وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡ‍ٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ [التوبة: 25]. فلا يُعْجَب الإنسان بالكثرة أو بالقوة، بل يلجأ إلى الله ويدعو الله.

وكان صلى الله عليه وسلم يُكثر الدعاء عند القتال؛ كما دعا في بدر([1])، وفي هذه الوقعة دعا صلى الله عليه وسلم.

فهذا فيه: أن المسلمين لا يتكلون على قوتهم وعددهم، وإنما يلجئون إلى الله في طلب النصر: ﴿إِن يَنصُرۡكُمُ ٱللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمۡۖ وَإِن يَخۡذُلۡكُمۡ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنۢ بَعۡدِهِۦۗ [آل عمران: 160]، النصر بيد الله سبحانه وتعالى، لكن السلاح والرجال هذه أسباب.


الشرح

([1]) كما في الحديث الذي أخرجه: مسلم رقم (1763).