×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

 الثانية: «وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ فِي الْجَنَّةِ: خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا»، والسوط: هو العصا، موضع السوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، موضع السوط، السوط معروف أنه ما يأخذ مساحة، فموضع السوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها.

فدل على: أن الجنة لا يتصورها الإنسان ولا يتصور ما أعده الله فيها، قال تعالى: ﴿فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [السجدة: 17].

الله جل وعلا ذكر أنواعًا مما في الجنة من النخيل، والأعناب، والعسل، واللبن، والخمر لذة للشاربين، وما فيها من الملابس، الحرير والديباج: ﴿وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ [فاطر: 33]، وما فيها من السرور والبهجة لأجل الترغيب فيها.

لكنه جل وعلا لم يَذكر كل ما في الجنة؛ لأن عقول الناس لا تتحمل هذا، فالله أخفى ذلك: ﴿فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ [السجدة: 17]، قال صلى الله عليه وسلم: «فِيهَا مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ»([1]).

فلا يَعلم ما في الجنة إلاَّ الله، والقليل مما في الجنة موضع السوط من الجنة خير من الدنيا وما فيها، فما بالك بالذي يتبوأ من الجنة المنازل، ويتبوأ منها قصورًا وأنهارًا، ويتبوأ منها مكانًا فسيحًا لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى ؟!


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (2825).