×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

أن الله تَكَفَّل له بأنه: إن قُتِل فإن له أجر الشهيد في سبيل الله. وإن رجع سالمًا فله السلامة مع الغنيمة.

وهل ليس له أجر؟ بلى، له أجر، لكنه ليس كأجر الشهيد، وإلا فله أجر الجهاد، وله ما غَنِم من المال يتقوى به على طاعة الله.

والله جل وعلا أحل الغنائم لنبينا ولأمته، قال صلى الله عليه وسلم: «وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تُحَلَّ لأَِحَدٍ قَبْلِي»([1])، كانت الغنائم في الأمم السابقة تُجْمَع، ثم تنزل نار من السماء فتحرقها. ولكن الله تَفَضَّل على هذه الأمة، فأباح لها الغنائم.

قال تعالى: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا [الأنفال: 69]، فأطيب المكاسب المغانم في سبيل الله عز وجل؛ لأنها ناتجة عن الجهاد في سبيل الله، وعن إغاظة أعداء الله، وتقوية الإسلام والمسلمين.

«أَنْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ»؛ لأن الله جل وعلا قال: ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ بَلۡ أَحۡيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمۡ يُرۡزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ وَيَسۡتَبۡشِرُونَ بِٱلَّذِينَ لَمۡ يَلۡحَقُواْ بِهِم مِّنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ١٧٠ ۞يَسۡتَبۡشِرُونَ بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ[آل عمران: 169- 171].

فالشهيد حيّ، ﴿وَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتَۢاۚ [آل عمران: 169]، فهم أحياء حياة برزخية، ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَن يُقۡتَلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمۡوَٰتُۢۚ بَلۡ أَحۡيَآءٞ وَلَٰكِن لَّا تَشۡعُرُونَ [البقرة: 154]، لا تشعرون بحياتهم، فهم من جهة الدنيا أموات، تُورث أموالهم، وتُزَوَّج نساؤهم، ويُدفنون في المقابر. من جهة


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (521).