×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

يعوضه بحياة لا تنقضي ولا تفنى، وهي الحياة في الآخرة والجنة؛ لأنه اشترى آخرته بدنياه: ﴿فَلۡيُقَٰتِلۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يَشۡرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا بِٱلۡأٓخِرَةِۚ [النساء: 74]، فهو باع الدنيا، وثمنها الجنة.

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ [التوبة: 111] الله هو المشتري، والبائع هو المؤمن، والثمن هو الجنة، والساعي بين البائع والمشتري هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوثيقة التي كُتب فيها العقد: التوراة والإنجيل والقرآن.

فهذا فضل الجهاد في سبيل الله عز وجل، فهو لما باع نفسه لله عَوَّضه الله حياة لا تَفنى ولا تَبيد، ولما باع دنياه الفانية عَوَّضه الله بالدار الباقية.

لكن الحديث هذا فيه زيادة، وهي قوله: «وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ»، فعلى الإنسان أن يُخْلِص نيته لله عز وجل؛ لأن الله يعلم نيته. وإن تظاهر بأنه يريد الجهاد، وأنه، وأنه...!! وهو ليس كذلك في نفسه، فإن الله يعلم ذلك ولا يعطيه هذا الثواب، فالله يعامله بحَسَب نيته.

ففيه: إخلاص النية في الجهاد في سبيل الله وفي سائر الأعمال: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»([1]).

ومعنى «تَوَكَّلَ اللهُ»؛ كما سبق: أن الله ضَمِن له ذلك، وانتدب ذلك له.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (2069).