عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ مَكْلُومٍ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ
اللَّهِ، إلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَلْمُهُ يَدْمَى: اللَّوْنُ لَوْنُ
الدَّمِ، وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ»([1]).
*****
«مَثَلُ
الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ»، هذه صفة المجاهد
في سبيل الله، كصفة الصائم الذي لا يُفطر، والقائم الذي لا يَفتر، فالمجاهد يشارك
القائمين والصائمين وهو يأكل ويشرب؛ لأنه مجاهد في سبيل الله، فله أجر مَن يصوم
النهار ويقوم الليل. هذا من فضائل الجهاد في سبيل الله.
«مَا مِنْ
مَكْلُومٍ»؛ يعني: مجروح، والكلم: هو الجرح، وإذا قُتل في سبيل الله، فهو شهيد،
وإذا لم يُقتل، لكنه جُرح في سبيل الله، فإن جرحه وما يخرج منه من الدم، فإن هذا
الدم يكون أثرًا محبوبًا عند الله سبحانه وتعالى، فيأتي يوم القيامة يثعبُ دمًا
كصورته يوم يُجرح في الجهاد، يثعب دمًا، لونه لون الدم، وريحه ريح المسك.
فهذا يدل: على أن المجاهد إن قُتل، فهو شهيد، وإن جُرح، فإن جرحه يكون له سمة وعلامة يوم القيامة، يتميز بها على الناس، ويشم الناس منه رائحة المسك. وهذا فيه دليل: على أن الآثار وإن كانت الآثار التي تنشأ عن العبادة، وإن كانت مكروهةً للناس، فإنها محبوبةٌ عند الله، ولهذا جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ»([2])، وإن كان الناس يكرهون رائحة فمه؛
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5533)، ومسلم رقم (1876).