×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ: خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ([1]).

*****

لأن معدته خالية، يخرج منها أبخرة، فيها رائحةٌ لا يحبها الناس، ولكن الله يحبها؛ لأنها ناشئة عن طاعة الله، كذلك الدم، الدم الناس يستقذرونه، لكنه محبوبٌ عند الله؛ لأنه ناشئٌ عن طاعته سبحانه وتعالى، وكذلك غبار المجاهد في سبيل الله، يأتي يوم القيامة ذريرة لأهل الجنة يتطيبون به، يتطيبون بغبار المجاهدين في سبيل الله عز وجل، فالآثار الناشئة عن طاعة الله، وإن كانت مكروهةٍ للناس، فإنها محبوبةٌ عند الله سبحانه وتعالى، فهذا فيه: فضل الجهاد في سبيل الله، وفضل ما يصيب الإنسان. الإنسان في الجهاد إما أن يُقتل، وإما أن يُجرح، وإما أن يرجع سالمًا، وكلٌّ منهم له ثوابه عند الله سبحانه وتعالى.

 وهذا كالحديث التالي: «غَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ رَوْحَةٌ: خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»، وفي هذا أنه: «خَيْرٌ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ»، فهو مثل الذي سيأتي - إن شاء الله -.

والشمس لا شك أنها تطلع على الكون، تطلع على الدنيا كلها، لا يبقى موضع من الأرض ما تأتي عليه الشمس، إما بزمنٍ طويل أو قصير، تتفاوت بحسب درجات الفلك، قد يكون طويلاً طلوع الشمس، وقد يكون قصيرًا، ولكن ما يبقى شيء على وجه الأرض إلاَّ وتأتيه الشمس.


الشرح

([1]) أخرجه: مسلم رقم (1883).