×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

فدل على: أن الأمان يجوز من ولي الأمر، ويجوز من أحد المسلمين، ويجوز من الشركات الإسلامية.

فلا يجوز الغدر به وخيانته حتى ينتهي عهده أو يحصل منه خيانة، وهذا لولي الأمر، تطبيق العقوبة على القائم من الكفار والناقض للعهد، ليس لأفراد الناس، وإنما هو لولي الأمر.

فهؤلاء الذين يغدرون بالمُستأمَنين ويقتلونهم ويفجرونهم؛ هؤلاء شوهوا الإسلام، وفَرِح الكفار بهذا الفعل، وإن كان الكفار يعرفون الإسلام وأنه دين العدالة ودين الأمان، لكن يفرحون بهذه الغلطات من المسلمين؛ لأجل أن يشوهوا الإسلام، ومن أجل أن يكون لهم عُذْر في الهجوم على المسلمين؛ كما تعلمون ما حصل ويحصل. فالواجب التنبه لمثل هذه الأمور.

دين الإسلام دين الرباط، ودين الوفاء، ودين العدل مع المؤمن والكافر، لا يجوز الظلم، لا في حق المؤمن ولا في حق الكافر، ما يجوز الظلم: ﴿وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَ‍َٔانُ قَوۡمٍ عَلَى أَلَّا تَعۡدِلُواْ ٱعۡدِلُواْ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ [المائدة: 8] فالعدل واجب مع المسلم والكافر، والخيانة محرمة مع المسلم ومع الكافر.

وفي هذا الحديث: بيان العقوبة التي سيلقاها الغادر، فإنه وإن استتر في الدنيا وأخفى غدرته في الدنيا، فإنها ستظهر يوم القيامة علانية، ويُعقد له لواء فوق رأسه. وفي رواية: «عند مؤخرته -أو: عند قفاه- »([1])، يُعقد له لواء يرتفع، يراه أهل الموقف، «فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ»؛ عقوبة له وتشنيعًا عليه حتى يفتضح.


الشرح

([1]) كما في الحديث الذي أخرجه: مسلم رقم (1738).