ومنه الفيء: وهو الظل، الذي
يكون بعد زوال الشمس من جهة الشرق؛ لأنه رجع إلى الجهة.
فالفيء: مصدر فاء يفيء؛
يعني: رجع([1]).
وفي الحديث: قصة بني النضير من
اليهود.
النبي صلى الله عليه
وسلم لما هاجر إلى المدينة كان فيها ويسكن حولها جماعات من اليهود، فصالحهم النبي
صلى الله عليه وسلم على أن يَبْقَوْا على ما هم عليه وعلى دينهم وعلى أموالهم، بشروط:
ألاَّ يقاتلوا المسلمين، وألا يناصروا مَن قاتل المسلمين وأن يدافعوا عن المدينة
مَن أرادها بسوء. شَرَط عليهم ذلك؛ أنهم يدافعون عن المدينة مع المسلمين مَن
غزاها.
فتم العهد بينهم على
هذا، ولكنهم لم يفوا بالعهد، عادة اليهود أنهم يغدرون بالعهود: ﴿أَوَ كُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ﴾ [البقرة: 100]، هذه عادتهم! فغدروا
بالعهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك بعد غزوة بدر، لما رأوا المسلمين
انتصروا في غزوة بدر، غاظهم ذلك غيظًا شديدًا.
فكان أول غدر من بني
النضير وهم فِرقة؛ لأن اليهود الذين في المدينة ينقسمون إلى ثلاث فِرق: بنو
النضير، وبنو قَيْنُقاع، وبنو قُرَيْظة.
فكان أولَ مَن غدر بنو النضير بعد غزوة بدر، وذلك أنه لزمت المسلمين دِيَة؛ لأن مسلمًا قَتَل اثنين من الكفار الذين لهم عهد، ولا يدري، هو ما درى، ظن أنهم محاربون، قتلهم، فلزمت ديتهم المسلمين، ويكون هذا من قتل الخطأ!
([1]) انظر: العين (8/ 406)، وتهذيب اللغة (15/ 414)، ومقاييس اللغة (4/ 435).