×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ أُحُدٍ، وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي فِي المُقَاتِلَةِ. وَعُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ، فَأَجَازَنِي»([1]).

*****

قوله: «قَالَ سُفْيَانُ: مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَمِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ»، سفيان راوي الحديث. وإذا أُطلِق سفيان فهو سفيان بن عُيينة. وهناك سفيان الثوري، وهما إمامان جليلان، لكن سفيان بن عيينة يَغْلِب عليه الحديث، وسفيان الثوري يَغْلِب عليه الفقه.

كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يأذن للشخص أن يقاتل.

فهذا فيه: دليل على أن الجهاد من خواص صلاحيات الإمام - إمام المسلمين -، فهو الذي يَنظر في الجنود والعسكر، فيُجيز مَن يصلح، ويمنع مَن لا يصلح للجهاد. ومِن جملة الذي لا يصلح للجهاد: الصغير الذي لم يبلغ. وأما البالغ فهذا يصلح للجهاد.

فلذلك ابن عمر عُرِض على النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أُحُد ليقاتل، فمنعه لأنه دون البلوغ. وعُرِض عليه في غزوة الخندق، فأجازه لأنه قد بلغ خمس عَشْرة سنة. في الأولى ابن أربع عَشْرة سنة، وفي الثانية صار ابن خمس عَشْرة سنة؛ لأن بين أحد وغزوة الخندق سنة واحدة، فغزوة أُحُد في السنة الثانية من الهجرة، وغزوة الخندق في السنة الثالثة من الهجرة، بينهما سنة.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (4097)، ومسلم رقم (1868).