×
شرح عمدة الأحكام من كلام خير الأنام مما اتفق عليه الشيخان الجزء الثاني

وَعَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لأَِنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، سِوَى قَسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ»([1]).

عَنْ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ، فَلَيْسَ مِنَّا»([2]).

*****

 هذا هو النوع الثاني من النَّفْل، وهو: ما يُعْطَى لبعض الجنود لأهميةٍ يقوم بها أكثر من غيره. ومن ذلك السرايا، وهي القِطَع من الجيش، التي يبعثها الإمام. السرية: هي القطعة من الجيش. وأما الجيش: فهو عموم الغزاة، يُسمَّى بالجيش. فإذا كان الغزاة كثيرين، يسمون بالجيش، وإذا كانوا قطعة يسيرة يسمون بالسرية.

ولما كانت السرية تتعرض لخطر أكثر؛ لأن الجيش فيه قوة، يدفع بعضه عن بعض. أما السرية فعددهم قليل، والخطر في حقهم أكثر؛ فلذلك كان صلى الله عليه وسلم ينفلهم أكثر من غيرهم. يعني: يعطيهم سُهْمانهم من الغنيمة، ويَزيدهم على ذلك التنفيل.

هذا فيه: أنه لا يجوز للمسلم أن يقاتل المسلمين: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ، فَلَيْسَ مِنَّا»؛ يعني: مَن قاتل المسلمين، فقد تَبَرَّأ منه الرسول صلى الله عليه وسلم.

فهذا وعيد شديد؛ لأن الله عصم دماء المؤمنين والمسلمين في الإسلام، والله جل وعلا يقول: ﴿وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا [النساء: 93]، فالله حَرَّم دماء المسلمين.


الشرح

([1]) أخرجه: البخاري رقم (3135)، ومسلم رقم (1750).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (7071)، ومسلم رقم (98).