خبر يقين من الرب سبحانه وتعالى، والخطاب موجه إلى جميع الخلق:﴿وَإِن مِّنكُمۡ﴾: جميع الخلق، لا
يستثني أحدًا:﴿إِلَّا
وَارِدُهَاۚ﴾يمر على هذه النار، فإما أن ينجو بعمله الصالح، وإما أن
يسقط في جهنم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر من هذه النار في خطبه ومواعظه،
وفي مخاطبته لأصحابه وأمته، دائمًا يحذر من هذه النار فيقول: «أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ، أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّار»،
ويصف هذه النار وبُعْد قعرها: كان صلى الله عليه وسلم جالسًا مرة مع أصحابه فسمعوا
وجبة، يعني سمعوا شيئًا سقط، فقال: «أَتَدْرُونَ
مَا هَذَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قال: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ
مُنْذُ سَبْعِينَ عامًا، فَالآْنَ وَصَل إِلَى قَعْرِهَا» ([1]).
هذا قعرها - والعياذ بالله - وستملأ يوم القيامة من الخلق الذين ضيعوا
أنفسهم في هذه الدنيا، وضيعوا أعمارهم وأوقاتهم، وداهمهم الموتُ وهم على غير
استعداد، سيصلون إلى هذه النار، وهم سكانها - والعياذ بالله - وقود النار وحطبها،
والإنسان كل إنسان فهو على خطرٍ عظيم؛ لأنه لا يدري: هل يكون من الناجين أو من
الهالكين؟ فكيف يطمئن الإنسان ويأمن على نفسه، وهو لا يدري: هل ينجو أو لا ينجو؟
ولهذا صار للصالحين من سلف هذه الأمة أحوال عجيبة من الخوف، وأحوال عجيبة من الأعمال الصالحة؛ خوفًا من هذه النار؛ لأنهم آمنوا الإيمان الصحيح وخافوا فبذلوا الأسباب للنجاة قبل موتهم، فمن أراد أن يعرف أحوالهم فليقرأ سيرهم وتاريخهم، هل النار ما خلقت إلا لهم؟ النار مخلوقة لجميع عصاة بني آدم،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2844).