×
مَجَالِس شَهْرِ رَمَضَانْ

واعتبروا بمسجد الضرار، الذي بناه المنافقون، وهو مسجد صورته صورة مسجد، ويحلفون أنهم ما أرادوا إلا الحسنى، ومع هذا فالله جل وعلا أمر نبيه بهدمه وإحراقه، ونهى نبيه أن يصلي فيه:﴿لَا تَقُمۡ فِيهِ أَبَدٗاۚ[التوبة: 108]، لماذا؟ لأن نية أصحابه - والعياذ بالله - نية خبيثة، بنوا﴿مَسۡجِدٗا ضِرَارٗا وَكُفۡرٗا وَتَفۡرِيقَۢا بَيۡنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَإِرۡصَادٗا لِّمَنۡ حَارَبَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ[التوبة: 107]، هذه نيتهم، فكان بناؤه أخبث البناء، وأمر بهدمه وإحراقه وإزالته، وقد نفذ الرسول صلى الله عليه وسلم ما أمره به ربه، فهدمه وأحرقه.

فالحاصل: أنَّ بناء المساجد من أفضل الأعمال إذا كان بنية طيبة، ونية خالصة، وهو وسيلة وغاية لذكر الله جل وعلا، وعبادة الله فيه؛ من أجل أن يؤوي المصلين من الحر ومن البرد ومن المطر، حتى يطمئنوا في صلاتهم وعبادتهم، ويكون هذا المكان لعبادة الله وتعليم العمل النافع والدروس المفيدة، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ويكون محل إشعاع النور على البلد وعلى الحارة. هكذا تكون المساجد، فالمساجد لها حرمتها، ولها مكانتها، ولها عظمتها، فهي أفضل البقاع، يجب أن تُعظم، وأن تُصان، وأن تحترم، وألا يساء الأدب فيها، وألا يرفع الكلام فيها، وألا تجعل محلًّا لأحاديث الدنيا، وإنما تكون محلًّا لذكر الله عز وجل؛ فتنظف من القاذورات، ومن الروائح الكريهة، ومن المناظر السيئة، فتكون على أحسن حال، وأن تجمر -يعني بالبخور والطيب- لتكون رائحتها طيبة، والذين يرتادونها ينظفون أنفسهم باللباس الطيب وبالروائح الطيبة، ويتجنبون أكل الثوم وأكل البصل وشرب الدخان، ويأتون إلى المساجد على أحسن حال؛ لأنها بيوت الله سبحانه وتعالى ومحل العبادة، ومحل اجتماع المسلمين.


الشرح