وأيضًا: هي محل للملائكة -ملائكة الرحمن- ينزلون من السماء إلى المساجد،
فالمساجد هي محل ذكر الله وعبادته:﴿فِي
بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَيُذۡكَرَ فِيهَا ٱسۡمُهُۥ يُسَبِّحُ لَهُۥ
فِيهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ ٣٦رِجَالٞ لَّا تُلۡهِيهِمۡ تِجَٰرَةٞ وَلَا بَيۡعٌ
عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَوٰةِ يَخَافُونَ يَوۡمٗا
تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَٰرُ ٣٧﴾[النور: 36، 37]،
يترددون عليها في اليوم والليلة خمس مرات، وبعضهم يعتكف فيها ولا يخرج منها، فيبقى
فيها ليلاً ونهارًا، أو معظم النهار، فهي لا تخلو من عباد الله، ولو من الملائكة
الكرام، فهي لا تخلو من السكان الذين يعبدون الله ويسبحونه ويقدسونه سبحانه وتعالى،
فهي بقاع طيبة وبيوت طيبة، وهي أشرف بقاع الأرض، فيحترمها المسلم ويعظمها، ويتردد
عليها للصلوات الخمس وللعبادة كل ما راح عنها لأعماله وأشغاله رجع إليها؛ لأنه يجد
فيها الراحة واللذة والسرور، ويجد فيها ذكر الله، ويتصل بربه عز وجل ويعبده
ويدعوه، قائمًا بين يديه في بيت من بيوته، فهي قُرة عين المسلم.
وقد جاء في الحديث: أن من السبعة الذين يظللهم الله في ظله: «وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسَاجِدِ» ([1])، يحب المساجد ويألفها، ويتردد عليها، ولا ينقطع عنها، هذه صفة المسلم مع بيوت الله عز وجل، لكن -والعياذ بالله- ما بالكم بالناس يَدَّعون الإسلام ويسكنون بجوار المساجد ولا يدخلونها؟ لا ليلاً ولا نهارًا، كل السنة أو معظم السنة لا يدخلون المساجد، وربما لا يدخلونها إلا جنائز ليصلى عليهم إذا ماتوا، مع أن المفروض أن هؤلاء لا يصلى عليهم؛ لأنهم لا يقيمون الصلاة، ومن ترك الصلاة متعمدًا فهو كافر، فكان المفروض ألا يصلى عليه، ولكن المسلمين لا يدرون عن حالهم، ويحسنون الظن بهم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (660)، ومسلم رقم (1031).