فباب الله مفتوح دائمًا
وأبدًا، ليلاً ونهارًا، وخصوصًا في آخر الليل، كل ليلة وقت السحر، فالله قد فتح لكم
بابه، ويقول كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأغْفِرَ لَه؟
هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟» ([1]). ولكن في هذه
العشر، وفي هذه الليلة بالذات، يتأكد على المسلم أن يجتهد في الدعاء والاستغفار والتوبة،
وسؤال الله عز وجل، والله جل وعلا يفرح بتوبة عبده، وهو غنيٌّ عنه، لكن من رحمته
به يفرح بتوبته، يفرح له بالخير، ويفرح له بالتوبة؛ لأنه يريد رحمته، ويريد
منفعته، وهذا من لطفه سبحانه وتعالى، وإلا فهو غني عن عباده، لو كفروا كلهم ما نقص
ذلك من ملكه شيئًا، ولو أسلموا كلهم ما زاد ذلك في ملكه سبحانه وتعالى، ولكنه من
رحمته وفضله وإحسانه يحب لعباده أن يتوبوا وأن يستغفروا؛ ليغفر لهم، وليعطيهم
حاجاتهم، ويغني فقرهم، وليغفر لهم ذنوبهم.
فعلى الإنسان أن يجتهد في الدعاء، وأن يتجنب الدعاء على الناس بالعقوبة من غير ظلم جرى عليه منهم، وكونه يصبر ويعفو أحسن، وإن أساءوا إليه، أو أخطأ عليه أحد، فلا يدعو على الناس، لكن يصبر، والله جل وعلا يعوضه خيرًا مما ترك:﴿فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ﴾ [الشورى: 40]، وإن كان الدعاء على الظالم جائزًا، ولكن كونه يصبر ويحتسب الأجر من الله ويعفو، فهذا أفضل له، هذا إذا كان مظلومًا، فكيف إذا كان هو الظالم؟! يدعو على الناس بغير حق، لا لشيء إلا أنهم ما وافقوه على هواه، ولا وافقوا مطلبه.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1145)، ومسلم رقم (758).