وعلى أداء الواجبات، ويسأل
ربه أن يغفر له ما سبق منه من خطأ في حق الله، مع الإصلاح في المستقبل. أمَّا الذي
يستغفر الله وهو لا يصلح في المستقبل، بل يبقى على ما هو عليه، فهذا استغفار غير
صحيح، إنما تستغفر الله إذا تبتَ وأصلحتَ في المستقبل، فتطلب من الله أن يعفو عنك
ما سبق، بهذا الشرط.
فالعبد بحاجة إلى الاستغفار، ولذلك كان الاستغفار شعار الأنبياء عليهم
الصلاة والسلام، من آدم إلى محمد صلى الله عليه وسلم، كلهم يستغفرون الله عز وجل
ويطلبون من الله المغفرة؛ لأنهم بحاجة إليها، فإذا كان الأنبياء بحاجةٍ إلى
المغفرة ويستغفرون الله - كما ذكر الله عنهم في القرآن العظيم، ذكر كل نبي
واستغفاره - فإن غير الأنبياء أحوج إلى الاستغفار دائمًا وأبدًا، حتى في العبادات،
فالإنسان وهو يصلي ويصوم ويتصدق ويحج ويعتمر ويفعل الطاعات، هو بحاجة إلى
الاستغفار، فكيف بالإنسان الذي يقارف الذنوب والمعاصي والسيئات؟!
والاستغفار لا يكون باللسان فقط مع عدم الإصلاح لسد الخلل والنقص والخطأ، بل يصحح أخطاءه، ويصحح ما وقع فيه من خلل، ويترك الذنوب والمعاصي، ويستغفره عما سبق، ويطلب من الله أن يسامحه، وألا يؤاخذه فيما سبق، فالعبد بحاجة إلى هذين الأمرين: التوحيد والاستغفار، ولهذا قال الله تعالى:﴿فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ﴾[محمد: 19] فقوله:﴿فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ﴾هذا التوحيد، وقوله:﴿وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ﴾هذا هو الاستغفار، فأمر الله بالاثنين: التوحيد والاستغفار.