×

تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَآءٗۖ [النساء: 89]، وقال: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَٰتِلُونَكُمۡ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمۡ عَن دِينِكُمۡ إِنِ ٱسۡتَطَٰعُواْۚ [البقرة: 217].

فهم لا يرضيهم التَّنَازل عن شيء من ديننا، بل لا بُدَّ أن نترك ديننا كله ونتبعهم، هذا الذي يريدون، ونَحْن لا نتنازل عن شيء من ديننا أبدًا؛ لأن التَّنَازل عن شيء من الدِّين هو المُداهنَة المنهي عنها؛ كما قال تعَالى: ﴿فَلَا تُطِعِ ٱلۡمُكَذِّبِينَ ٨وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ ٩ [القلم: 8، 9]، وقال: ﴿أَفَبِهَٰذَا ٱلۡحَدِيثِ [الواقعة: 81] يعني القُرْآن ﴿أَنتُم مُّدۡهِنُونَ [الواقعة: 81]، أي: تتركون شيئًا منه إرضاءً للكفَّار، فلا يَجُوز التَّنَازل عن شيء من القُرْآن أو من الدِّين لأجل إرضائهم، بل نتمسك بديننا وبقرآننا.

نعم لا مانع أن نتعامل مَعهُم بالمُعامَلات الدُّنيَويَّة، وتبادل المصالح بالبيع والشِّراء والتِّجارة، والتعاقد مَعهُم على إقامة المصانع، والاستفادة من خبراتهم، واستئجارهم ليقوموا بأعمال نحْتَاج إليها وهم يتقنونها، هذا كله لا مانع منه، وليس هذا من المُوالاَة، بل هذا لمصلحة المُسْلمين ومما يخدم ديننا، ولا مانع أن نتصالح مَعهُم إذا اقتضى الأَمر المصالحة على ترك القتال، وقد صالح النَّبي صلى الله عليه وسلم اليَهُود ([1])، وصالح المُشْركين في الحديبية ([2])، فلا مانع من التَّصالح مَعهُم إذا كان المُسلِمُون بحاجة إلى الصلح، قال تعَالى: ﴿فَلَا تَهِنُواْ وَتَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلسَّلۡمِ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ [مُحمَّد: 35]، فإذا كنا لسنا بحاجة فلا نتصالح مَعهُم، أما إذا كنا بحاجة إلى هذا فنتصالح بقدر الحاجة، وليس هذا من موالاتهم بل هذا من أجل نفع المُسْلمين.


الشرح

([1])  كما ثبت بذلك الحديث الذي رواه البخاري رقم (2285).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (2698)، ومسلم رقم (1783).