وهذا من حقوق كلمة التَّوحِيد «لا إله إلا الله»، فكما أن «لا إله إلا الله» براءة من الشِّرك فهي
أَيضًا براءة من المُشْركين، وكما أنها محبَّة لله وعِبَادَة لله فهي أَيضًا
محبَّة للمتَّقين والمُؤْمِنين، فأنت تحب من يحبهم الله، وتعادي مَنْ عاداهم،
والله تعَالى قال: ﴿لَا
تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ﴾
[الممتحنة: 1]، الله عز وجل لا يحب الكَافِرين؛ لأنهم أعداؤهم، فأنت لا تحبهم بل
تحبُّ من يحبه الله، وتبغض من يبغضه الله.
هذا
هو المقياس في الحب والبغض والوَلاء والبَراء، تابع لمحبَّة الله وبغض الله للأعمال
وللأشخاص، فأنت لا تحب مِن الأشخاص إلا من يحبه الله، ولا تحب من الأَعمَال إلا ما
يحبه الله، ولا تبغض من الأشخاص إلا من يبغضه الله، ولا تبغض من الأَعمَال إلا من
يبغضه الله عز وجل، فيكون حبك وبغضك تابعين لمحبَّة الله وبغضه سبحانه وتعالى،
وهذا هو معنى العِبَادَة، وهو معنى الوَلاء والبَراء على حقيقته، فهذه هي الضوابط
في هذا الباب العظيم، الذي زلَّت فيه كَثِير من الأقدام، وضلَّت فيه كَثِير من
الأفهام بسبب عدم الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله، وعدم الرجوع إلى أَهل العِلْم
الراسخين، فحصل ما حصل بسبب الإهمال والتفريط من الفريقين: فريق الغالين، وفريق
المتساهلين.
وهذا
أمر ينبغي أن نتفطن له غاية التفطن؛ لأن الحملة الآن شرسة ضد هذا الباب، يريدون أن
يقتلعوا الوَلاء والبَراء من الإِسْلام، وألا يكون بين النَّاس فرق أبدًا،
ويَقولُون: كلهم بنو آدم، وكلهم إخوان، وكلٌّ له دينه، ويَقولُون: اليَهُود
يَعبُدون الله، والنَّصارَى يَعبُدون الله، ونَحْن نعبْد اللهِ. وهذا معناه أن
الأَديَان صارت سواء كلها عِبَادَة لله.
الصفحة 7 / 207