﴿قَدۡ كَفَرۡتُم
بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ﴾ [التوبة:
66]، فدل على أنهم كانوا مُؤْمِنين قبل هذه الوقعة، فلما وقعوا فيها صاروا كفارًا
مرتدين والعِيَاذ باللهِ، ولم يقبل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عذرهم، وحكم الله
جل وعلا عليهم بالرِّدَّة، لكن مَنْ تاب منهم تاب الله عليه، قال تعَالى: ﴿إِن نَّعۡفُ
عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ﴾، [التوبة: 66]
والحاصل
أن من تكلم بالكُفْر ووافق الكفَّار، فإن كان مكرهًا فإنه يُباح له ذلك بشرط أن
يكون قلبه مطمئنًا بالإِيمَان؛ كما قال تعَالى:﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا
مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾
[النّحل: 106]، فاستثنى الله من قال كلام الكُفْر بلسانه دون قلبه من أجل أن
يتخلَّص من الإِكرَاه فقط، فهو باقٍ على دينه وعلى إِيمَانه، وهذه رخصة رخص الله
فيها للمكره أن يتخلص من الإِكرَاه وهو باقٍ على إِيمَانه.
أما
من قال كلام الكُفْر غير مكره، بل قاله منشرحًا به صدره، أو قاله من أجل طمع
الدُّنيا ونيل الوظائف وغير ذلك، فهذا مرتد عن دِين الإِسْلام، قال تعَالى: ﴿وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِٱلۡكُفۡرِ صَدۡرٗا فَعَلَيۡهِمۡ
غَضَبٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾
[النحل: 6 10]، ما السَّبب؟﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا
عَلَى ٱلۡأٓخِرَةِ﴾ [النحل:
107 -108] فالذي حملهم على قول كلام الكُفْر ومُوافقَة الكفَّار أنهم يريدون طمع
الدُّنيا، فتعوضوا من الدِّين بالدُّنيا، فحكم الله عليهم بالكُفْر.
الصفحة 7 / 207