عجزوا عن ردها أولوها بما يُضحك العقلاء، أو
حرَّفوها، ويتخذون الشبهات والأكاذيب والحكايات والمنامات أدلة وبراهين يؤيدون بها
عِبَادَة القُبُور، وهذا ليس تجنِّيًا عليهم، بل هو موجود في كتبهم وردودهم على
أَهل التَّوحِيد.
قوله:
«فإنهم لا يرضون إلا بذلك» يعني: لا
يرضون إلا أن تتابعهم على ما هم عليه، قال تعَالى: ﴿وَدُّواْ لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُونَ﴾ [القلم: 9]، ومن تابعهم على ما هم عليه كان أخًا لهم،
والله جل وعلا قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفۡتِنُونَكَ عَنِ ٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ
إِلَيۡكَ لِتَفۡتَرِيَ عَلَيۡنَا غَيۡرَهُۥۖ وَإِذٗا لَّٱتَّخَذُوكَ خَلِيلٗا ٧٣وَلَوۡلَآ
أَن ثَبَّتۡنَٰكَ لَقَدۡ كِدتَّ تَرۡكَنُ إِلَيۡهِمۡ شَيۡٔٗا قَلِيلًا ٧٤﴾الرُّكُون هو الميل إليهم ﴿إِذٗا لَّأَذَقۡنَٰكَ ضِعۡفَ ٱلۡحَيَوٰةِ وَضِعۡفَ ٱلۡمَمَاتِ
ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيۡنَا نَصِيرٗا﴾
[الإسراء: 73- 75]، فهذا تحذيرٌ للرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، لما حاولوا معه أن
يَتنَازَل عن شيء من دينه، قالوا: نعبد إلهك سنة وتعبد آلهتنا سنة، فأنزل الله
قوله تعَالى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا
ٱلۡكَٰفِرُونَ ١لَآ أَعۡبُدُ مَا تَعۡبُدُونَ ٢وَلَآ أَنتُمۡ عَٰبِدُونَ مَآ أَعۡبُدُ
٣﴾ [الكَافِرون: 1- 3] إلى آخر
السورة ([1]).
فالله قطع طمَعهُم؛ لأن الرَّسُول لا يمكن أن يتحول عن دين التَّوحِيد إلى دين الشِّرك، وإن كانوا يعدونه أنهم يَعبُدون الله، ويكون هذا مِن بَابِ التَّعَاون؛ إذ يريدون أن يدمجوا آلهتهم مع الرب سبحانه وتعالى ويَقولُون: كلها عِبَادَة، وكلها دين، هذا الذي يريدون. والآن نفس الحكاية، خرج علينا من يريد دمج الإِسْلام مع اليَهُوديَّة والنصْرَانيَّة الكَافِرتين.
([1]) أخرجه الطبري في ((تفسيره)) (30/ 331)، وابن أبي حاتم في ((تفسيره)) (10/ 3471).
الصفحة 10 / 207