فمسْأَلة التكفير ليست سهلة؛ وهذا لا يقوم به
إلا أَهل العِلْم، لا يقوم به المتعالمون أو الجُهَّال أو الذين عندهم غيرة وشدة
في الدِّين من غير علم.
الدَّليل
الأول: قوله تعَالى: ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ
حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ﴾
[البقرة: 120].
واليَهُود:
هم المنتسبون إلى الدِّيانَة التي بعث الله بها مُوسَى عليه السلام بالتَّورَاة،
قيل: سُموا باليَهُود من الهود وهو التوبة من قول مُوسَى: ﴿إِنَّا هُدۡنَآ إِلَيۡكَۚ﴾
[الأعراف: 156]، يعني: تبنا إليك، وقيل: سموا باليَهُود؛ لأنهم من أَولاَد يهوذا
ابن يعقوب.
والنَّصارَى:
قيل سموا بذلك نسبة إلى الناصرة بلدة في فلسطين، وهم المنتسبون إلى دين المَسِيح
عِيسَى بن مَريَم عليه السلام، ولذلك يسمون أنفسهم الآن بالمَسِيحيين ولا يسمون
أنفسهم بالنَّصارَى فرارًا من الذم الذي لحق النَّصارَى، وكذلك اليَهُود لا يسمون
أنفسهم اليَهُود، بل يسمون أنفسهم إِسرَائيل فرارًا من اللعنات التي صبها الله على
اليَهُود، فهم يريدون أن يتبرءوا من هذه التسمية، ولكن لن ينفعهم ذلك.
وقوله
تعَالى: ﴿وَلَن
تَرۡضَىٰ﴾ [البقرة: 120] ﴿لَن﴾ نفي في المستقبل، ﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ﴾ [البقرة: 120]، وكذلك المُشْركون مِن بَابِ أولى لن
يرضوا عن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وأمته.
قوله
تعَالى: ﴿حَتَّىٰ
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ﴾
[البقرة: 120]، فهم لا يكفيهم أنك تتنازل بَعْض التَّنَازل عن بَعْض دينك، وإنما
لا بُدَّ أن تتحول عن دينك كله وتكون