هَؤُلاءِ أَوليَاء بالمحبَّة والنصرة وغير ذلك
من أَنوَاع المُقَاربَة الدِّينية، أما المُقَاربَة الدُّنيَويَّة؛ كما في
المُعامَلات، وأُمُور السِّياسَة، فهذا شيء آخر، لكن لا يتخذونهم أَوليَاء في
الأُمُور الدِّينية بالمحبَّة، فلا يُحبُّونهم؛ لأنهم أَعدَاء اللهِ، وكيف تحب من
هو عدوٌّ لله، والله يبغضه؟﴿لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمۡ أَوۡلِيَآءَ
تُلۡقُونَ إِلَيۡهِم بِٱلۡمَوَدَّةِ﴾
[الممتحنة: 1]، فالواجب أن تبغضَ من يُبغضهم الله، وأن تُعادي أَعدَاء اللهِ ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ
عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ﴾
[البقرة: 98]، ﴿فَإِنَّ
ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾
[آل عمران: 32] إذا كان الله لا يحب الكَافِرين فكيف تحبهم أنت؟ أيهُم مُؤْمِن؟
وكذلك لا يَجُوز للمُؤْمِنين أن يُناصروهم، وأن يُعينوهم على ما يمكن كفرهم وينشر كفرهم في الأَرْض، فلا يَجُوز للمُسْلمين أن يُمكنوهم من بناء الكنائس في بِلاَد المُسْلمين، ولا أن يمكنوهم من الاستيطان في جَزِيرَة العَرَب التي ظهر منها مشعل الإِيمَان، أمَّا أن يدخلوا لأغراض مؤقتة ويرجعوا فهذا لا مانع منه، وليس هذا هو المقصودُ من إخراجهم المذكور في قول النَّبي صلى الله عليه وسلم: «أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ» ([1])؛ كما فهم بَعْض الجُهَّال. وإنما الممنوع تمكينهم من الاستيطان في جَزِيرَة العَرَب، وهذا فيه قطع للموالاة بين المُؤْمِنين والكفَّار؛ لأن الكَافِر والمُؤْمِن ضدان لا يجتمعان، وهذا نهي من الله يقتضي التَّحرِيم، ومفهوم الآية ﴿لَّا يَتَّخِذِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ﴾ [آل عمران: 28] أن الواجب أن يتخذ المُؤْمِنون المُؤْمِنين أَوليَاء
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3053)، ومسلم رقم (1637).