×

فهَؤُلاءِ أولى بالكُفْر والنَّار من الذين تركوا الهِجرَة شُحًّا بالوطن، وخَوْفًا من الكفَّار، وخَرجُوا في جيشهم مكرهين خَائِفين.

فإن قال قائل: هلا كان الإِكرَاه على الخروج عذرًا للذين قتلوا يوم بدر، قيل: لا يكون عذرًا لأنهم في أول الأَمر لم يكونوا معذورين إذا أقاموا مع الكفَّار، فلا يعذرون بعد ذلك بالإِكرَاه؛ لأنهم السَّبب في ذلك حيث أقاموا مَعهُم وتركوا الهِجرَة.

****

الدَّلِيل السادس من القُرْآن الكريم، هذه الآية: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ أَلَمۡ تَكُنۡ أَرۡضُ ٱللَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۚ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَسَآءَتۡ مَصِيرًا ٩٧إِلَّا ٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰنِ لَا يَسۡتَطِيعُونَ حِيلَةٗ وَلَا يَهۡتَدُونَ سَبِيلٗا ٩٨فَأُوْلَٰٓئِكَ عَسَى ٱللَّهُ أَن يَعۡفُوَ عَنۡهُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ عَفُوًّا غَفُورٗا ٩٩وَمَن يُهَاجِرۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يَجِدۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُرَٰغَمٗا كَثِيرٗا وَسَعَةٗۚ وَمَن يَخۡرُجۡ مِنۢ بَيۡتِهِۦ مُهَاجِرًا إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ يُدۡرِكۡهُ ٱلۡمَوۡتُ فَقَدۡ وَقَعَ أَجۡرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ١٠٠ [النساء: 97- 100].

هذه الآيات نزلت في ترك الهِجرَة، وهي الانتقال من بلد الكُفْر إلى بلد الإِسْلام، فيجب على المسلم أن يهاجر بدينه من بلد لا يستطيع إِظهَار دينه فيها، وليس الإِظهَار أنه يُتْرَك يصلي أو يتعبد ولا يمنع من ذلك، لكن الإِظهَار أنه يعلن أن الإِسْلام هو الدِّين الحق وأن ما عداه بَاطِل، وأن الله أوجب على الخلق جميعًا اتباع رسول الإِسْلام، وأن الشَّرَائع نُسخت بشريعة الإِسْلام، ويدعو النَّاس إلى الإِسْلام، هذا إِظهَار الدِّين.


الشرح