إنما
هم سَبب النُّزولِ، والحكم ليس مقصورًا عليهم بل هو شامل لكل مسلم يقيم بين أظهر
المُشْركين وهو يقدر على الهِجرَة، لكن بقي طمعًا في الدُّنيا، أو طمعًا في وظائف،
أو في مخصصات يأخذها من الكفَّار، أو طمعًا في زهرة الدُّنيا وأن بِلاَد الكفَّار
باردة ونظيفة ومزدهرة، وبِلاَد المُسْلمين قاحلة.
والله
جل وعلا يبتلي العباد، فلا تبق أيها المسلم مع الكفَّار لطمعٍ دنيويٍّ إما مال
وإما غرض نفس وإما غير ذلك، والدِّين أعلى من كل شيء، دينك هو رأس مالك إذا
فَرَّطت فيه وضيعته خسرت الدُّنيا والآخِرَة، والصَّحابَة هاجروا ولم يكن مَعهُم
شيء، تركوا أوطانهم، وبيوتهم، وأَولاَدهم، وهاجروا في سبيل الله عز وجل آثروا
الدِّين على الدُّنيا، وصبروا على ما نالهم من المَشقَّة في غير وطنهم، وفي غير
بلدهم، وهم فقراء ليس مَعهُم شيء، ولكن مَعهُم دينهم، وإذا كان مَعهُم دينهم فما
فات عليهم شيء أبدًا، أما إذا فات الدِّين فلو كانت الدُّنيا كلها عندك فإنها لا
تفيدك شيئًا.
﴿قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ﴾ [النساء: 97] هذا توبيخ، أي: مع أي جماعة أنتم؟ ﴿قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ [النساء: 97] هم اعْتَرَفوا أنهم مع الكفَّار، لكن قالوا: ﴿كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ﴾ [النساء: 97] وكان مقتضى الجَواب أن يقولوا: كنا مع الكفَّار؛ لأنهم سألوهم ﴿فِيمَ كُنتُمۡۖ﴾ [النساء: 97]، ولم يقولوا لهم: ما إِيمَانكم هل أنتم مطمئنون بالإِيمَان، هل قُلُوبكم ثابتة على الإِيمَان؟ ما سألوهم عن هذا، سألوهم عن وجودهم مع أي فريق